
كلمة الاردن / الدكتور جلال فاخوري
في غمرة الحرب الطارئة بين الفلسطينيين و إسرائيل غدا العالم مشغول بمآل هذه الحرب و نسي أو تناسى وباء الكورونا التي لا زالت تهدد الكثير من شعوب العالم و مجتمعات لا طاقة لها بمقاومة الكورونا كالهند و البرازيل رغم أن التطعيم ضدّ هذا الوباء يبدو نشيطا و حادا. انشغل العالم بما يجري في فلسطين و كأن الحرب و نتائجها باتت أهم و أكثر تأثيرا مع أن ما تحصده الكورونا و الحروب من الأرواح ليس قليلا.و قد كانت نشيطة كالكورونا و لكن لماذا هذا التحوّل في التفكير لصالح الحروب؟ يبدو أن للحروب تأثيرا نفسيا على الأفراد و الشعوب أعمق من تأثير الكورونا باعتبار أنه يمكن تجنب الكورونا بالتحفظ و الحرص لكن هذا غير وارد في الحروب لأن لها وقع و سمات و أحداث و مفاجآت خاصة.فالحروب حين تحدث في الأزمات العالمية الكبرى كالكورونا فإن اشتداد تأثيرها قد يكون اعمق لأن المعاناة مع وجود الأزمات المتعددة تحدث بلبلة فكرية و اضطراب أو ارباك لما يجب على المرء فعله.
و أمتنا العربية بطبيعتها توّاقة للتفاعل مع الأزمات الوطنية فنسيانها للكرونا لصالح التفكير في الحرب و مآلاتها أمر طبيعي و هذا أمر بالغ الأهمية السيكولوجية حيث أفرزت هذه الحرب أن مصلحة الأوطان و المصائر و الكرامة العربية أهم من المصالح الفردية الأنانية و هذه سمة حاول التاريخ إبرازها لكنّ الانشغال بالأمور الفردية كانت تمنع بروز هذه السمة و هذه السمة هي نوع من الكرامة و العدالة الوطنية. فهل هزمت الحرب الكورونا؟ في الحروب يتناسى الفرد و الشعوب أيّة أزمات أخرى و يوجّه اهتمامه نحو المصير. لهذا حين تسأل هل نسي العالم كورونا؟ الكورونا موجودة و قد لا يشعر بها الكثير إلاّ بعد اشتدادها أما الحروب فهي أعمق و أشدّ وقعا لأن القتل فيها سريع و مفاجئ، و العرب مهتمون بالمصير الذي بات يهدد الحياة كلها و استمرار نسيان الكورونا يشفي المجتمعات من الوقوع في الأمراض السيكوباتية التفسير، نحن لا نريد الحرب لمثل هذه الأسباب و لكن وقوعها يفرض مثل هذا التفكير فالكورونا أحدثت عند الكثيرين أمراضا نفسية تحتاج إلى علاج.
جلال فاخوري